التنفس بالحجاب الحاجز



 حيث اننا نتنفس منذ اليوم الأول لولادتنا إلى أن نغادر هذه الحياة فإن معظمنا قليلا ما يشغل باله بهذه الحركة الدائمة واللازمة للبقاء احياء. تنفسنا اليومي عادة ما يكون قصيرا وضئيلا مقارنة بسعة رئتنا الكلية ولهذا السبب تكون عضلات التنفس لدينا مشدودة ومحدودة الحركة لعدم استخدامنا لها إلى امكانياتها الفعلية. ولكن قبل أن نعمل على زيادة مرونة هذه العضالت لابد أن نزيد وعينا بطريقة تنفسنا وهذا يعني ببساطة أخذ بعض الوقت للاستماع والوعي والشعور بكيفية تدفق أنفاسنا و بذلك سنتمكن من التحكم في تنفسنا واستخدام هذا التحكم كأسلوب للاسترخاء. هذا الوعي والتحكم أثناء التحضير للغوصة لا يضمن فقط أقل استهلاك للأكسجين عن طريق تقليل التمثيل الغذائي في الجسم, ولكنه يحقق أيضا سلاما داخليا وزيادة الوعي بالذات وبما يحيط بنا وبالتالي سيجعل الغوصة أكثر امتاعا وأكثر امانا
 كلا من اليوجا والتأمل يشيران دوما إلى الأساليب التي تركز على استخدام الحجاب الحاجز في التنفس لتساعد على بناء وعي افضل بالتنفس وللجسم. الحجاب الحاجز هو العضلة المسطحه الفاصلة بين القفص الصدري وتجويف البطن ويلعب دورا أساسيا في التنفس ويمكن تصور رئتينا كهرمين الجزء الأوسع فيهما وبالتالي الأكبر حجما في الجزء السفلي الملاصق للحجاب الحاجز وبمعرفتنا لذلك يصبح من الواضح مدى أهمية الحجاب الحاجز بالنسبة لممارس الغوص الحر الذي يتطلع إلى زيادة سعة الرئة. لقد ولدنا ونحن نتنفس بالحجاب الحاجز ولكن الضغط الأجتماعي والثقافي يجعلنا نستبدل هذه الطريقة في التنفس بطريقة اخرى أكثر تقييدا للإبقاء على بطوننا مسحوبة للداخل للحصول على مظهر أكثر نحافة. ولكي نعود إلى التنفس بالحجاب الحاجز نحتاج إلى البدء في الإحساس بتنفسنا وتصور كل نفس يتدفق من خلال انفنا ليملأ الرئتين ثم يتدفق مرة أخرى إلى الخارج في تبادل سلس ومن الممكن أن يساعدك إغلاق عينيك على تركيز انتباهك على تنفسك. وأثناء تدربك على ذلك ركز علي أن تبقى هادئا ومسترخيا كليا وسيمكنك ذلك من معالجة اي شعور بعدم االرتياح ويجعلك مدركا لجسمك كله لتكتشف مستويات جديدة من السلام الداخلي. حاول أن تصل إلى تبادل هادئ وسلس لأنفاسك لإيجاد وتيرة التنفس التي تنمي شعورك بالاسترخاء وبمجرد عثورك على هذا النمط الإيقاعي قم بممارسته كلما تذكرت وأمكنك ذلك طوال اليوم. عندما تستكشف إيقاعك في التنفس يمكنك البدء بدمج أساليب التنفس الأعمق باستخدام الحجاب الحاجز.
الأسلوب الاساسي الأفضل لتحسين التنفس بالحجاب الحاجز هو بأن تستلقي على ظهرك مع رفع الركبتين عن الأرض وتضع يدا على صدرك والأخرى على بطنك وعندما تأخذ شهيقا ركز على الهواء المتدفق إلى اسفل الرئة مسببا ارتفاع بطنك. وللتركيز على التنفس بالحجاب الحاجز فقط خذ نفسا طبيعي وتأكد أن يدك الموضوعه على بطنك هي التي ترتفع مع بطنك لأعلى عند الشهيق بينما تبقى يدك التي على صدرك ثابتة في مكانها (الصدر لا يتحرك). وعند الزفير ادفع الهواء إلى الخارج باستخدام العضالت الموجودة في منطقة المعدة (الحجاب الحاجز) فتنخفض بطنك ومعها يدك وتأكد أن تبقى اليد التي على الصدر ثابتة بدون حركة. والهدف من وضعك ليديك على صدرك وبطنك هو أن تشعر بحركتهما خلال عملية التنفس بحيث تبقى اليد التي على الصدر ثابتة واليد التي على البطن ترتفع عند الشهيق وتنخفض عند الزفير. وهذا أيضا يصنع اتصالا ماديا مع الاشارات المخية التي تتحكم في عضلة الحجاب الحاجز وكلما مارست التنفس بالحجاب الحاجز كلما زادت قوة اشارات الدماغ المرتبطة بالحجاب الحاجز وأصبح هذا الأسلوب في التنفس أكثر تلقائية. بهذه الطريقة عندما تذهب للغوص ويكون لديك جميع انواع المشتتات الأخرى يمكنك بكل بساطة أن تضع يدك على بطنك وتشعر بتنفسك بالحجاب الحاجز وتعلم أنك تتنفس بشكل صحيح وهذا سيسمح لك بتحويل تركيزك إلى الغوصة التي ستقوم بها. وأثناء ممارستك لهذا الأسلوب يمكنك أن تبدأ بدفع حدودك الجسديه في كل من الشهيق والزفير لتدريب وزيادة مرونة الحجاب الحاجز وهو تمرين جيد لتمارسه عندما تستلقي للنوم ليلا (لا تستخدم وساده تحت رأسك أثناء التمرين) وحيث انك ستكون مستلقيا بالفعل لأجل النوم فإنك ستؤدي هذا التمرين مرة واحدة على االقل يوميا. وهناك فائدة اخرى لممارستك هذا التمرين قبل النوم وهي الدخول في حالة من الأسترخاء نتيجة للتنفس بالحجاب الحاجز أثناء التمرين.

ولنبني علي هذا الأسلوب الاساسي فإننا سننتقل إلى النقطة التالية وهي ادراك أن كل دورة تنفسية كاملة بالحجاب الحاجز تتكون من ثلاثة مراحل:
 - بطنية (بالحجاب الحاجز)
- صدرية (الصدر)
- ترقوية* (نسبة إلى الترقوة) (أعلى الرئتين/ الصدر ممتدة إلى الحلق)

- مجددا, تصور كل نفس يتدفق من خلال انفك فيملأ الجزء الاسفل من الرئة اولا ورافعا بطنك في خلال ذلك (المرحلة الباطنيه)
- ثم ينتقل إلى الأعلى مالئا الصدر(المرحلة الصدري) ويوسع القفص الصدري
 - وأخيرا يصل إلى المرحلة الترقوية وعندها يملأ الجزء العلوي من الرئتين والقصبة الهوائية مما يؤدي الى ارتفاع الكتفين للحصول على أكبر حجم ممكن. وفي مرحلة الزفير يجب أن تتم نفس العملية تتم في الترتيب العكسي منتهية بشفط البطن إلى الداخل لدفع الحجاب الحاجز إلى األعلى لطرد الجزء الاخير من الهواء. وللمساعدة على فهم الكيفية الصحيحة لعملية الشهيق, من المفيد تخيل رئتك كثلاثة أقسام مختلفة وكل قسم لابد أن يصل إلى السعة القصوى قبل فتح القسم التالي. وبالنسبة لعملية الزفير يمكن تصور الرئة ككيس يفرغ من الهواء بدءا من الأعلى إلى الاسفل ويتم تسويته وإخراج اخر جزء من الهواء فيه باستخدام الحجاب الحاجز وهناك تفصيلة أخرى مهمة للغاية وهى أن التنفس لابد أن يبقى سلسا مع جعل مدة الزفير على الاقل ضعف مدة الشهيق هذه النسبة بين مدتي الزفير والشهيق هي أمر أساسي للتنفس بالحجاب الحاجز وتحفز استجابة الجسم التلقائية للإسترخاء ضع في اعتبارك انه إذا شعرت في اي لحظة بالدوخة أو الدوار فهذه اشارة تدل على الإفراط في التنفس يجب عليك حينها إبطاء هذا الأسلوب. هذا الأسلوب سيتطلب بعض الممارسة والتركيز لتأديته بطريقة صحيحة ولكنه سيوفر لك أساسا متينا لأسلوب التنفس الصحيح للغوص الحر

تعليقات